اغلاق
اغلاق

التعليم الأكاديمي في المجتمع العربي بين تحسين الوضع الاجتماعي-الاقتصادي ومراوحة المكان!

Wazcam, تم النشر 2023/06/04 13:00

بقلم- نغم سمارة؛ مديرة برنامج رواد القطري للتعليم العالي 

يمكننا أن نرى بوضوح بيانات مفاجئة ومشجعة ومحفزة، بكل ما يتعلق بعملية التعليم الأكاديمي التي يمر بها المجتمع العربي في البلاد، حيث تزداد نسبة الطلاب الأكاديميين العرب في البلاد كل عام بشكل طردي. في العام الدراسي الحالي، شكّل الطلاب الأكاديميين %19 من عموم الطلاب في البلاد. قبل 5 سنوات فقط كان الوضع مختلفًا تمامًا، حيث كان عددهم %15.2 فقط - مقارنة بحوالي %21 نسبة المجتمع العربي من مجمل عدد سكان الدولة.

في عام 2022، درس حوالي 58,000 طالبًا من المجتمع العربي في مؤسسات التعليم العالي - وهو رقم قياسي على مستوى كل السنوات. وهذا يشكل قفزة تزيد عن %125 في عدد الطلاب العرب خلال حوالي عقد من الزمان. إحصائية مهمة أخرى وهي أن أكثر من ثلثي الطلاب العرب اليوم هم من النساء.

أن تصبح أكاديميًا- والذي كان يعني في الماضي الانتقال الواضح والفوري للطلاب من الحالة "الرديئة" إلى الحالة "السامية" في سوق العمل- لم يعد كافيًا. في النهاية، معظم من يتقدمون للحصول على درجة اللقب الأول (BA) يهدفون الى تحسين وضعهم في عالم التوظيف باليوم التالي للتخرج من الجامعة او الكلية.  

مع ذلك، يظل هناك تحدي في تحقيق التوازن بين التعليم الأكاديمي واحتياجات سوق العمل. رغم زيادة عدد الطلاب الأكاديميين العرب، فإن معدل التوظيف والمشاركة في سوق العمل للمجتمع العربي لا يتناسق مع هذه الزيادة. حيث إن نصف السكان العرب يعيشون تحت خط الفقر، ويواجهون صعوبات في الحصول على فرص عمل جيدة.

خلاصة القول، من المهم أن ندرك أنه في المستقبل المنظور، سيكون للتعلم بشكل عام وللتعليم الأكاديمي بشكل خاص معنى في سوق العمل، فقط عندما يتم إضافة مزيج من المعايير الأخرى التي لا تقل أهمية مثل: نوع اللقب أو مجموعة الألقاب التي درستها؟ ما هي قدراتك على الدراسة الذاتية؟ ما هي قدراتك القيادية؟ ما هي قدراتك على التكيّف، وغيرها من المعايير الأخرى.

لا بد لنا أن نقول ان المعادلة التلقائية: لقب أكاديمي = وظيفة جيدة = قيادة اجتماعية، لم تعد بالضرورة موجودة في جميع الحالات، وهذا ينطبق بشكل خاص على المجتمع العربي لأن سوق العمل الإسرائيلي الحديث يضع أمام الأكاديميين العرب تحديات ثقافية ولغوية، بالإضافة إلى التحديات القائمة والمعروفة، والتي تجعل من الصعب عليهم الاندماج في العمل النوّعي.

تحتل التحولات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي مكانة مهمة في هذه السياق، حيث تطرح تحديات جذرية على مجالات التعليم وسوق العمل الحديث. لذلك، لم يعد الحصول على تعليم أكاديمي كافٍ لضمان فرص عمل جيدة وقيادة اجتماعية ناجحة. وعليه يجب أن يتوافق تزايد نسبة الأكاديميين العرب مع الاندماج الاجتماعي والاقتصادي الناجح في سوق العمل.

وكما ذكرنا؛ تتغير التكنولوجيا بوتيرة سريعة لدرجة أنه من المحتمل أن ما يدرسه طالب الهندسة في الجامعة لن يكون ذا صلة بمجرد تخرجه من الجامعة ... في هذه الحالة، الشيء الذي سيحدد اندماجه في سوق العمل في اليوم التالي للتخرج، هي مجموعة متنوعة من المهارات الشخصية والمزايا التي على الاغلب لا يتم دراستها أبدًا في إطار التعليم الأكاديمي.

بل أكثر من ذلك، فان تقنية الذكاء الاصطناعي التي دخلت حياتنا في العام الماضي؛ من ناحية على أثرها من الممكن  أن تصبح مهنًا كاملة غير ذي صلة، ومن ناحية أخرى هي على وشك انشاء وتطوير مهن جديدة.

وبالتالي، يجب أن نركز على تطوير استراتيجيات تعليمية وتوجيهية تركز على تطوير المهارات اللازمة للطلاب العرب لمواكبة التغيرات التكنولوجية ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. يجب أن يكون هدفنا تمكين الطلاب العرب وتزويدهم بالمعرفة وتنمية المهارات الأساسية مثل التفكير النقدي وحل المشكلات والتعلم المستمر، بالإضافة إلى تنمية المهارات العملية والتقنية المطلوبة والتي تؤهلهم للمنافسة في سوق العمل الحديث والمساهمة في تطور المجتمع.

لذا، فإن التحديات الحالية تستدعي منا التكيّف مع التغيرات وتحسين الارشاد والتوجيه للتعليم الأكاديمي لضمان تأهيل طلابنا العرب وتمكينهم من الازدهار في مجتمع متغير ومتقدم تكنولوجياً. يتطلب ذلك جهودًا مشتركة من قبل الحكومة والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني وأفراد المجتمع لتوفير فرص تعليمية متكافئة ومتاحة للجميع، بالإضافة إلى تعزيز الابتكار وريادة الأعمال، وتوجيه الشباب والشابات نحو مجالات توظيف مستقبلية ذات جودة وإنتاجية عالية.

لقد شغلت في العقد الأخير في عدة وظائف إدارية وطوّرت خبرات في عالم الأعمال والتشغيل المتغير ومدى ملائمته مع المجتمع العربي، سيما أنه مجتمعٌ غير متجانس، فضلًا عن كونه ذو احتياجات مختلفة. وفي وظيفتي الأخيرة تمكنت من إدارة مجال التوظيف في المجتمع العربي والمساواة الجندرية في جوينت-تيفيت، واليوم أدير برنامج رواد القطري والذي ينبثق عن مجلس التعليم العالي. في إطار البرنامج، نقدم مجموعة شاملة من الخدمات للشباب والشابات العرب الذين يرغبون في تطوير حياتهم والاندماج في التعليم العالي. نعمل من داخل المجتمع، من الميدان نفسه، في 73 سلطة محلية و 240 مدرسة. نقيم حوالي 1,700 فعالية محلية وقطرية كل عام، وحتى الآن شارك حوالي 64,000 شخص في أنشطتنا وخدماتنا.

هدفنا واحد، ويتمثل في تحسين مستقبل مجتمعنا العربي ككل، بمساعدة القيادة الاجتماعية والتعليم الأكاديمي والاندماج في التوظيف النوعي في سوق العمل.

 

heightقد يهمك ايضا