اغلاق
اغلاق

د. جرير خوري: المريض العربي أقلّ التزامًا بتلقّي العلاج ومتابعة حالته الصحيّة!

Wazcam, تم النشر 2023/04/20 8:40

د. جرير خوري يتحدّث عن العلاقة بين الكولسترول المرتفع ومرض السكّري: المريض العربي أقلّ التزامًا بتلقّي العلاج ومتابعة حالته الصحيّة!

 

شاركنا الدكتور جرير خوري، طبيب العائلة، المستشار والمركّز لمجال السكّري والصحّة العامّة في صندوق المرضى "كلاليت" - لواء الشمال، في حوارٍ توعويّ حول مواضيع صحيّة والمحافظة على نظام حياة صحّي، متّزن ومتوازن، متطرّقًا للعلاقة ما بين مرض السكّري ومستويات الكولسترول المرتفعة في الدم، وأسباب حدوثهما معًا في بعض الأحيان وطريقة معالجة كل منهما. 

بدايةً تطرّق الدكتور خوري إلى تعريف الكولسترول فقال: الحديث يدور عن دهنيّات في الجسم تنقسم إلى نوعين: الكولسترول، وهو عبارة عن دهنيات إما ينتجها الجسم بشكل طبيعي أو يحصل عليها عن طريق أغذية من مصدر حيواني، و"ثلاثي الغليسريد" أي الدهنيات التي يحصل عليها الجسم عن طريق النبات، وهي بالأساس زيوت وعبارة عن مصدر طاقة مهم يستغلّها الجسم.

الجدير بالذكر ان للكولسترول أهمية كبيرة في الجسم وبدونه لا يعيش الإنسان، وله فوائد كبيرة إذا كان بالمستوى الطبيعي في الجسم، إذ أنه يلعب دورًا أساسيًا في بناء وتكوين أغشية الخلايا والحفاظ عليها، ويبني الخلايا العصبية ويساعد على إنتاج الهورمونات وأملاح المرارة، وغيرها المزيد من الوظائف المهمّة في الجسم.

أما عندما ترتفع نسبة الكولسترول في الجسم عن المستوى الطبيعي، عندها يصبح الكولسترول ضارًّا للجسم. 

 

وعن أنواع الكولسترول قال د. خوري إن هناك ثلاثة أنواع: البروتين الدهني منخفض الكثافة أو ما يسمّى بالـ "LDL" وهو الكولسترول الضارّ للجسم، الـ "VLDL" وهو البروتين الدهني منخفض الكثافة جدًا وهو الأكثر ضررًا، والـ "HDL"، البروتين مرتفع الكثافة وهو الكولسترول المفيد للجسم.

ويقوم الكبد بإنتاج هذه المركّبات وهي حيويّة لنشاط الجسم، ولكن عندما تزيد عن حدّها الطبيعي، فقد تسبّب مشاكل في الشرايين فتؤدّي إلى انسدادها وبالتالي إلى أمراض قلبية.

ونوّه د. خوري إلى أن الأشخاص الذين لديهم كولسترول مرتفع معرّضون للإصابة بأمراض القلب، ولكن ليس بالضرورة، وهذا لا يعني انه لا يوجد خطر الاصابة بأمراض القلب رغم كون الكولسترول منخفضًا.

وبإمكاننا معرفة إذا ما كانت مستويات الكولسترول في الجسم سليمة أم لا عن طريق فحص الدم، ومن الصعب معرفة أي نوع كولسترول لدينا بدون إجرائه.

وبحسب د. خوري تلعب الوراثة دورًا كبيرًا، فهنالك خطر أكبر أن يكون لدى الشخص كولسترول مرتفع في حال كانت هذه الحالة شائعة في العائلة. الضرر الأساسي الذي يسبّبه الكولسترول المرتفع هو حصول عملية التهابية في الشرايين حيث يتراكم الكولسترول فيها ويسدّها، الأمر الذي يمنع وصول الدم إلى الخلايا ما قد يسبّب جلطة في القلب أو الدماغ أو الرئتين.

 

ولموازنة مستويات الكولسترول في الجسم وخاصةً عند ارتفاعها ينصح د. خوري بالابتعاد عن التدخين وممارسة الرياضة والتوجه لأخصائي تغذية لتحديد كمية الدهنيات التي نحصل عليها من الغذاء. الطرق الأساسية لخفض مستوى الكولسترول في الجسم هو إما الحدّ من كمية الغذاء الدهني، أو أخذ أدوية تمنع امتصاص الدهنيات، أو أدوية تمنع تكوّن الدهنيات السيئة في الكبد أو تزيد من كمية التخلّص من الـ "LDL" الضارّ خارج الجسم عن طريق أملاح المرارة. كل هذه الأمور قد تساعد الجسم بمحاربة انسداد الشرايين، أن تخفف منها أو حتى أن تمنعها. 

 

وعن العلاقة بين مرض السكّري وارتفاع مستويات الكولسترول في الجسم قال د. خوري: أستطيع وصف هذه العلاقة كمتلازمة، إذ غالبًا ما يلازم السكّري ارتفاع مستويات الكولسترول في الجسم. في كل مرّة نشخّص مريض سكّري، نشكّ بأنه يعاني من السُمنة ومن ضغط الدم العالي ومن مستويات كولسترول (دهنيات) مرتفعة. غالبًا ما تأتي كل هذه الحالات مع بعضها البعض. هذه الرباعية: السكّري، السُمنة، ضغط الدم العالي ومستويات مرتفعة من الكولسترول جميعها قد تسبّب انسدادات بالشرايين، جلطات دماغية أو قلبية او حتى الوفاة. ولكن بالطبع لا نستطيع التعميم، فهذه الحالات ليس بالضرورة أن تحدث جميعها معًا. مريض السكّري أكثر عرضةً للإصابة بانسداد الشرايين، ولهذا من المفضّل أن تكون لديه مستويات كولسترول متوازنة، ونحن الأطبّاء نشدّد على ذلك، وخاصةً إذا كان مريض السكّري يعاني من مشاكل في القلب، فالتشديد على ذلك يكون مضاعفًا لأن عوامل الخطر لديه تكون أكثر. وكلّما كانت العوامل المهدّدة بالخطر أكثر (مثل السكّري، ضغط الدم، السُمنة، التدخين...) احتجنا للتشديد أكثر على خفض مستويات الكولسترول في الدم لنقلّل من خطر حصول المضاعفات وانسداد الشرايين. يحتوي جسم الإنسان على مواد تساهم في إخراج الكولسترول الضار "LDL" من الجسم، إلا أن مريض السكّري تكون لديه هذه المواد أقل، أو لا تكون فعّالة كما يجب، وهكذا يتراكم لديه الكولسترول في الجسم. اليوم توجد أدوية جديدة عبارة عن حُقن تمنع انسداد الطريق أمام الـ "LDL" وتمكّن من طرده من الجسم. وقد أثبتت الأبحاث أن هناك أهمية قصوى لخفض مستويات الكولسترول وضغط الدم لدى مريض السكّري، لا سيّما وأنها المحفّز الأول للجلطات الدموية. وأحيانًا يكون التشديد على ذلك أكثر من موازنة السكّري. 

 

وفيما يتعلق بالمجتمع العربي، أوضح د. خوري أن مرضى السكّري في المجتمع العربي غالبًا ما يعانون من السُمنة وقلّة الحركة والتدخين ونسبتهم أكبر من نظرائهم في المجتمع اليهودي، وبكلمات أخرى: العوامل المهدّدة بالخطر والضارّة هي أكثر لدى المريض العربي.

وأما بخصوص الالتزام بعلاج السكّري والكولسترول المرتفعين، فقال د. خوري إن الالتزام بالعلاج وتناول الأدوية ومتابعة الحالة الصحيّة ومراقبتها هي أقلّ في المجتمع العربي: لا يمكن أن نعرف من أين ينبع هذا تحديدًا، وقد توجّهنا إلى المدارس ورجال الدين والمؤسّسات لنشر الوعي بهذا الخصوص، إلا أن الالتزام في المجتمع العربي بالحالة الصحيّة ما زال أٌقلّ من مجتمعات أخرى، وقد يعود ذلك لقلّة وعي ثقافي واجتماعي حول أهمية الصحّة والتعامل معها كقيمة عُليا.

هنالك أبحاث وجدت علاقة ما بين الأمراض وما بين الوضع الاقتصادي الاجتماعي، فكلّما كان الوضع الاقتصادي الاجتماعي أسوأ ازدادت الأمراض ومخاطر الإصابة بها. 

 

وختامًا يوجّه د. خوري رسالة إلى المجتمع العربي عامةً، وإلى مرضى السكري والأشخاص الذين يعانون من الكولسترول المرتفع تحديدًا، فيقول: من أهمّ الأمثال العربية: درهم وقاية خير من قنطار علاج.

علينا أن نسأل أنفسنا: هل نحن بالفعل نطبّق هذا المثل الرائع في حياتنا؟ تدلّ الأبحاث على أن الأشخاص الذين يهتمون بصحّتهم بشكل يومي وكنمط حياة يكونون أقل عرضةً للمشاكل الصحّية.

نصيحتي لكل الأشخاص الذين يعانون من السُمنة، السكّري، الكولسترول المرتفع، وضغط الدم بأن يأخذوا زمام الأمور بأيديهم فهذا من مسؤوليتهم الشخصية. اهتمّوا بأنفسكم، التزموا بمتابعة المرض ومراقبة الحالة الصحيّة واعملوا بنصائح وتعليمات الطبيب وتعاملوا معها بجديّة، وبالطبع احرصوا على أخذ الدواء والعلاج المطلوب- فكل هذه الأمور قد تساهم في تحسين حالتكم الصحيّة.

heightقد يهمك ايضا