أساطير وحقائق: التهاب الحلق الجرثومي عند الأطفال

بقلم: د. حنّا فرح، اختصاصي طب الأطفال والأمراض الجرثومية عند الأطفال، مركز صحة الطفل نهاريا – كلاليت حيفا والجليل الغربي

يُعتبر التهاب الحلق الحاد أحد الأسباب الشائعة للتوجّه إلى طبيب الأطفال. وتشمل الأعراض النموذجية: آلام في الحلق مع أو بدون حمّى، وأحيانًا صداع، صعوبة أو ألم عند البلع، غثيان، تقيؤ وحتى آلام في البطن.

في الفحص السريري قد نرى تضخّمًا واحمرارًا في اللوزتين، مع أو بدون طبقات قيحية بيضاء، وأحيانًا تضخّمًا في العقد اللمفاوية الرقبية والمؤلمة عند اللمس.

فيما يلي خمس مفاهيم خاطئة شائعة حول تشخيص وعلاج التهابات الحلق لدى الأطفال، والحقائق العلمية المقابلة لها:

1. في كل التهاب حلق يجب البدء فورًا بالمضادات الحيوية لتقصير مدة المرض

في الواقع، معظم التهابات الحلق هي فيروسية وليست ناجمة عن البكتيريا ولا تحتاج إلى مضاد حيوي.

في هذه الحالات يكفي العلاج التدعيمي: مسكّنات الألم، خافضات الحرارة، والإكثار من شرب السوائل.

فقط 25–30% من الحالات هي بسبب التهاب حلق ناجم عن بكتيريا، وغالبًا بواسطة جرثومة العقديات من المجموعة A (Group A Streptococcus) .

2. وجود حمّى وطبقات بيضاء على اللوزتين يعني دائمًا وجود بكتيريا، ولا حاجة لاخذ فحص من الحلق

صحيح أن غياب الحمّى ووجود أعراض مثل الزكام، السعال أو بحة الصوت يشير أكثر إلى عدوى فيروسية،

لكن وجود الحمّى والطبقات البيضاء ليس دليلًا قاطعًا على وجود البكتيريا.

فالطبقات القيحية قد تظهر أيضًا في أمراض فيروسية مثل داء كثرة الوحيدات (EBV).

لذلك يتطلّب التشخيص فحصًا مخبريًا:

• مسحة حلق سريعة (فحص مباشر من الحلق مع جواب فوري)، أو زرع مسحة الحلق في المختبر

إذا كانت نتيجة الفحص السريع سلبية، يُنصح بإجراء زرع.

يُجمع العيّنة بواسطة مسحة من اللوزتين والجدار الخلفي للبلعوم، ويفضّل أن يقوم بها احد افراد الطاقم الطبي.

ملاحظة مهمة:

عند الأطفال دون سن الثالثة، تكون نسبة التهاب الحلق الناجم عن البكتيريا ومضاعفاته (مثل الحمّى الروماتيزمية) منخفضة جدًا، ولذلك غالبًا لا حاجة لمسحة حلق – إلا إذا كان هناك حالة مثبتة في أحد أفراد العائلة.

3. إذا تعافى الطفل، يمكن إيقاف المضاد الحيوي، حتى لو كانت نتيجة الفحص إيجابية

العلاج بالمضاد الحيوي لا يهدف فقط إلى تقصير الأعراض، بل أيضًا لمنع المضاعفات، سواء محلية أو مثل الحمّى الروماتيزمية – وهي مضاعفة خطيرة قد تظهر بعد أسابيع من الشفاء.

لذلك يجب إكمال العلاج كاملًا لمدة 10 أيام، حتى لو اختفت الأعراض بعد يوم أو يومين.

وفي الحالات التي أُخذت فيها زرعة دون بدء علاج، وكانت الزرعة إيجابية، يمكن البدء بالمضاد الحيوي حتى اليوم التاسع من بداية المرض وما يزال بالإمكان منع الحمى الروماتيزمية.

4. في التهاب حلق شديد مع حمّى عالية، يجب إعطاء مضادات حيوية واسعة الطيف

العلاج الأكثر فعالية ضد عقديات الحلق هو من عائلة البنتييلين.

وفي حال وجود حساسية غير فورية للبنسلين، يمكن إعطاء بدائل مناسبة بحسب درجة الحساسية.

لا حاجة لمضادات واسعة الطيف، وهي ليست علاجًا اوليا في هذه الحالات.

5. زرع حلق إيجابي في كل مرة يتطلب دائمًا علاجًا وقائيًا بالمضادات الحيوية

زرع إيجابي عند طفل سليم وبدون أعراض يشير غالبًا إلى حَمْل للبكتيريا(Carrier) وليس إلى عدوى فعّالة.

الحمْل البكتيريا شائع جدًا لدى أطفال المدارس، خاصة في الشتاء، وقد يصل إلى 20% منهم.

الحاملون للبكتيريا عادة:

• لا يُعدون معديين،

• ولا معرّضين لمضاعفات،

ولذلك لا يُنصح بالعلاج الوقائي بالمضادات في هذه الحالات.

يُنظر في العلاج فقط في حالات استثنائية، مثل:

• تاريخ سابق لحمّى روماتيزمية.

• تفشّي حمّى روماتيزمية أو مرض خطير في المجتمع.

• وجود فرد عائلة مصاب بحمّى روماتيزمية.

• حالات متكررة وشديدة بين أفراد العائلة تسبّب عبئًا كبيرًا، وبعضهم حامل للبكتيريا.

الخلاصة

ليست كل آلام الحلق عند الأطفال تحتاج مضادًا حيويًا.

التشخيص يتطلّب تقييمًا سريريًا، وأحيانًا فحصًا مخبريًا.

وعندما تكون العدوى جرثومية، يجب الالتزام بعلاج صحيح وكامل للوقاية من المضاعفات.

المتحدّث باسم كلاليت إيهاب حلبي

بالتعاون مع كلاليت