اغلاق
اغلاق

الوجه الأخضر لشركة جوجل

Wazcam, تم النشر 2024/01/16 13:12

أصدرت شركة جوجل مؤخرًا تقريرها البيئي، والذي انجلى عن توفير كبير في الطاقة في تشغيلها، ومساعدة مستخدِميها على التصرف بشكل أكثر حفاظًا على البيئة، والاستثمار في المشاريع المستدامة. 

 

إذًا هل الصورة حقًا ورديةً؟

 

بقلم: أمنون ديركتور، زاڨيت

 

 

 

أُعلِن مؤخرًا، أن القيمة السوقية للشركة الأم لجوجل، (ألفابت)، تقدّر بما لا يقل عن 1.3 تريليون دولار، في عام 2023. ولكن وراء الأموال الكبيرة للشركات التكنولوجية الضخمة، مثل جوجل، يخفتي تأثيرًا بيئيًا كبيرًا، فهي وخوادمها (سيرفرات)، تستهلك الكثير من الطاقة، وكميّة النفايات التي تُنتجها هائلة، ونشاطها يشجّع على الاستهلاك الكبير.

 

هذا التأثير يقود العديد من الشركات إلى تبنّي توجّهات بيئية. فعلى سبيل المثال، نشرت جوجل مؤخرًا، تقرير البيئة لعام 2023، والذي يكشف تقدّم شركة التكنولوجيا العملاقة، نحو تحقيق أهداف الاستدامة الخاصة بها، سواءً كان ذلك في إطار عملها الروتيني، في تطوير المنتجات والتقنيّات التي تساعد على حياة أكثر استدامة، أو الاستثمار في الطاقة المتجدّدة، وتقليل انبعاث غازات الدفيئة من قِبل الشركة.

 

 ولكن، هل يمكن الوثوق بالنتائج المشجّعة التي توصّل إليها التقرير؟

 

 

 

جوجل، أخبرني المزيد عن المدخرات البيئية

 

وفقا للتقرير، ساعدت منتجات جوجل الأساسية، (مثل خرائط جوجل وجوجل سفريات، وجوجل طيران وغيرها)، أكثر من مليار مستخدم، في جميع أنحاء العالم، على اتخاذ خيارات أكثر استدامة. وجاء في التقرير أيضًا، أنه بين عامي 2011 و 2022، تم توفير حوالي 113 مليار كيلووات من الطاقة، (ضعف استهلاك الكهرباء السنوي في البرتغال)، من قِبَل العملاء، الذين استخدموا منظِّمات الحرارة (ترموستات) الذكية الخاصّة بشركة جوجل، (برنامج ذكي للمحافظة على درجة حرارة المنزل)، وبأن الشركة دعمت واستثمرت في أكثر من 400 شركة ناشئة للتنمية المستدامة، ووفّرت أكثر من مليون متر مكعب من المياه، في إطار تشغيل مكاتبها، ومراكز البيانات، (أي ما يعادل أكثر من 400 حمام سباحة أولمبي)، واستثمرت الكثير من المال في إنشاء مشاريع الطاقة المتجددة.

إحدى الميزات التي تفتخر بها جوجل في التقرير، هي جزء من خرائط جوجل، ففي عام 2021، أطلقت الشركة خيار توجيه صديق للبيئة، في التطبيق الشهير، 

 

(لم يتم تنفيذه بعد في إسرائيل)، والذي يساعد المستخدمين على الوصول إلى وجهاتهم، في أسرع وقت ممكن، مع تقليل انبعاثات الكربون. وبحسب تقديرات الشركة، فن الخطوة الجديدة ساعدت في منع أكثر من 1.2 مليون طن من انبعاثات الكربون، بين تشرين أوّل وكانون أوّل 2022، أي ما يعادل إبعاد حوالي 250 ألف سيارة تعمل بالوقود، عن الشوارع، لمدة عام كامل.

يوضح الدكتور دانيال مدار، الباحث والمستشار العلمي، وأحد مؤسسي SP Interface قائلًا: "عادة ما يكون التأثير البيئي لشركات التكنولوجيا منخفضًا، مقارنةً بالشركات الكبيرة الأخرى، فعلى عكس الشركات التي تستخرج الموارد من البيئة، أو تُنتج العديد من المنتجات ذات الكتل الكبيرة، فإن الضرر الناجم عن شركات التكنولوجيا، مُوجّه بالأساس إلى استخدام الكهرباء، والتي يمكن جعلها تُخفّض من انبعاثات الكربون، وتلوّث الهواء، ويمكن تنجيع استخدامها. كذلك، يمكن لشركات التكنولوجيا تطوير المنتجات التي تعمل على التحسين، والتنجيع، والادخار باستعمال الموارد".

 

ومع ذلك، هناك بالطبع شركات تكنولوجيا، تُنتج أيضًا منتجات ذات تأثيرات بيئيّة كبيرة، مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الحاسوب، والقطع الالكترونيّة الصغيرة.

وكما يقول، فإن جزءًا كبيرًا من التأثير البيئي لشركة جوجل، يكمن في حجمها الهائل، ويضيف: "شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل، وميتا، وأبل، وتِسلا، ومثيلاتها، لها تأثير كبير على عدد كبير جدًا من المستهلكين، ولذا فإن أي تغيير فيها، نحو الأفضل، سوف يتراكم ليُشكّل تأثيرًا واسع النطاق، يشمل جميع القطاعات والمناطق في البلاد."

لشركة جوجل، مصلحة كبيرة بأن تكون رائدة في مجال البيئة والاستدامة، ومنذ إنشائها، طرحت نفسها كشركة ذات سمعة طيّبة في السياق البيئي، حيث يوضح الدكتور رامي كابلان، الباحث في سياسات المناخ العالمي، من كلية الدراسات الاجتماعية والسياسية في جامعة تل أبيب، ويقول: "الاستثمار في البيئة، يقوّي شركات مثل جوجل، ويحوّلها إلى شركات 'إيجابية'"، ويضيف: "تريد جوجل أن تجعل من نفسها محبوبة لدى الجمهور العالمي، الذين هم زبائنها، وكذلك لدى هيئات المراقبة والتنظيم، من أجل إبعاد السخط والمشاكل عن نفسها. علينا أن تتذكّر، أن إيرادات جوجل الضخمة، تنبع من حقيقة أن لديها القدرة على استخدام الكثير من المعلومات حول مستخدميها، لأغراض التسويق ".

 

 

خدعة العلاقات العامة؟

يؤكد كابلان، أن ادعاءات جوجل حول نهجها في مجال البيئة، مبني على إثباتات، ويقول: "بالمقارنة مع الشركات الأخرى في العالم، تستثمر جوجل الكثير من الأموال والموارد لجعل نفسها *خضراء* إلى حد ما.. نحن أمام استثمار حقيقي، ومحاولة لجعل الشركة صديقة للبيئة".

ومع ذلك، يحثّنا كابلان، على ألّا تُعمينا نتائج التقرير الجديد، ويوضح قائلًا: "للوهلة الأولى، يبدو التقرير رائعًا، ولكن عندما نتمعّن بالتفاصيل الدقيقة، أو بما لا يظهر فيه، نجد أنه ضبابي للغاية. كما أنه مليء بلغة تساير العلاقات العامة، بهدف خلق انطباع إيجابي، من خلال التلاعب بالمعلومات".

تجدر الإشارة، إلى أنه في معظم البلدان حول العالم، لا تلتزم شركات التكنولوجيا بنشر تقارير حول القضايا البيئية، والاستدامة، على الإطلاق، على عكس التقارير المالية، على سبيل المثال. ومع ذلك، فإن معظم الشركات، تختار طواعيةً أن تنشر التقارير البيئيّة. إلا أنه، وعلى عكس التقارير الخاضعة للإشراف والمراقبة، فإن الشركات، في معظم الحالات، تحدّد بنفسها أهدافها لمدى التقليل الانبعاثات، والوتيرة التي سيتم بها تحقيق الأهداف، وطريقة تحقيقها، وكيفيّة الإعلان عنها.

يقول كابلان: "حقيقة أن هذه التقارير طوعية، تسمح للشركات بالقيام بخدعة العلاقات العامة. شركة جوجل هي عضو في عدد من منظّمات الأعمال العالمية، والتي تدعم الأجندة التي تقول بأنه من المفضّل أن تقوم الشركات بإصلاحات في مجال الاستدامة بشكل مستقل، بدلًا من أن تقوم بها تحت إشراف الدولة، مما يسمح بحرية العمل والقدرة على تحديد ما يجب الإبلاغ عنه، وما يجب كتابته في التقارير. ولو كانت العملية تجري تحت إشراف دولة، أو أي هيئة دولية، فمن المرجّح أن تكون هناك معايير صارمة وقوية، والتي تُلزِم تقديم التقارير.. ولكن هذا ليس هو الحال".

يستشهد كابلان كمثال، ببيانات جوجل حول نجاح تطبيق الخرائط الخاص بها، ويقول: "هذا معطى لبس مؤكدًا، حيث علينا تصديق أرقام الشركة الخاصة". ويقول إنه "من المستحيل معرفة كيف توصّلوا إلى كمية الانبعاثات التي تم توفيرها، من خلال هذا التطبيق، فمن الممكن، على سبيل المثال، أن يكون لديهم طريقة حساب متفائلة للغاية، تسمح لهم بالوصول إلى هذه الأرقام. في كلتا الحالتين، إنه ليس مُعطى موثوقًا به ".

 

ويضيف مدار قائلا: "يعتمد جزء كبير من نموذج أعمال جوجل، على الإعلان عن المنتجات الاستهلاكية والرحلات الجوية وغيرها، والترويج لها، والتي تضر جدًا بالبيئة. إن السهولة التي توفّرها لنا التقنيات الجديدة، بعملية شراء السلع، أو الخدمات، تزيد بشكل كبير من استخدامها، وتزيد من الإضرار بالبيئة".

ويخلص كابلان للقول: "ممنوع الوثوق بالشركات الكبرى. إن هدفهم الجماعي هو منع الضرر الاقتصادي عنهم، مما يعني أنه إذا كان هناك تخفيض في الانبعاثات، فينبغي فعل ذلك دون الإضرار بأرباح تلك للشركات. سيبحثون عن طرق لزيادة الأرباح، وفي الوقت نفسه، إحداث تغيير نحو الأفضل في المجال البيئي، وهذا الأمر قد يمنع حدوث تغيير كبير في التأثير البيئي".

أعدّت المقال “زاڨيت" – وكالة الأنباء التابعة للجمعيّة الإسرائيلية لعلوم البيئة

 

 

heightقد يهمك ايضا