اغلاق
اغلاق

رغم الخطط الحكوميّة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربيّ، افتتحنا عام 2022 بمقتل طفل ونختتمه بمقتل رضيع -وصال رعد

محمد محاميد, تم النشر 2022/12/29 17:09

رغم الخطط الحكوميّة لمكافحة الجريمة في المجتمع العربيّ، افتتحنا عام 2022 بمقتل طفل ونختتمه بمقتل رضيع -وصال رعد

 

شهدت بلداتنا العربيّة في العقد الأخير ازديادًا ملحوظًا في أحداث العنف والجريمة وباتت هذه البلدات مصدر خطر يهدّد أمن وأمان سكّانها بسبب السلاح المنتشر، سيطرة عصابات الإجرام، فشل الشرطة في أداء واجبها وتقصير الحكومة باتّخاذ الخطوات اللازمة لمنع الجريمة القادمة. 

 

لقد أدّى الشعور السائد بعدم الأمان، اثر تفاقم أحداث العنف وجرائم القتل، إلى تشكيل ضغوطات كبيرة على الحكومة والقيادات العربيّة، من أجل اتّحاذ قرارات وإجراءات تهدف إلى مكافحة آفّة العنف والجريمة في مجتمعنا. من بينها كان انطلاق حملة "المسار الآمن"، في أواخر عام 2021، بقيادة المفوّض العامّ للشرطة-يعقوب شبتاي وقائد الاستخبارات والتحقيقات-إيغال بن شالوم وصدور الخطّة الحكوميّة 549 لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربيّ. في المقابل، برزت مبادرات داخليّة تهدف إلى التصدّي للعنف المستشري والجريمة المستفحلة في بلداتنا.

 

رغم كلّ الخطوات، القرارات والمبادرات، الحكوميّة منها والجماهيريّة، ما زالت آفة العنف والجريمة تسيطر على قرانا ومدننا العربيّة. أيضًا، رغم ادّعاءات شرطة إسرائيل أنّ انجازاتها في مجال مكافحة العنف والجريمة كانت غير اعتياديّة هذا العام وأنّها نجحت في تخفيض عدد القتلى إلّا أنّ المعطيات على أرض الواقع تثبت عكس ذلك. لقد شهد عام 2022 أحداث عنف دامية بدأت بمقتل الطفل عمّار حجيرات ابن الستّ سنوات وانتهت بمقتل الرضيع فارس هيب ابن العامين. كما وقد أودت هذه السنة بحياة 114 شخص في المجتمع العربيّ في البلاد، منهم 110 من بلدات الداخل و4 من القدس. كان من بين الضحايا 7 أطفال دون سنّ الثامنة عشر، 13 امرأة، 32 شاب وشابّة ما بين جيل 18-25، أي 28% من مجمل الضحايا.

 

من الجدير بالذكر، أنّ 95 حالة قتل خلال العامّ تمّت عن طريق اطلاق النار بواسطة السلاح، أي ما يقارب 82% من مجمل جرائم القتل. يساعد انتشار السلاح وتوفّره بكثرة في مجتمعنا في ازدياد جرائم القتل والعنف، وهذا لسهولة تنفيذ الجرائم البشعة بالاعتماد على السلاح الناريّ، بخلاف أسلحة أخرى.

 

المعطيات أعلاه تهدّد حياتنا وأمننا جميعًا وتًثبت أنّ الشرطة والدولة تفشلان في قيامهما بواجبهما للتصدّي لآفة العنف والجريمة، ردع المجرمين ومنع الجريمة القادمة. إن كلّ هذا لا يتمّ فقط بتشكيل وإقرار الخطط اللحكوميّة، إنّما يجب تنفيذها وبالتالي على الحكومة ضخّ الميزانيّات الكافية والعمل المستمرّ، بالشراكة الكاملة مع المجتمع العربيّ، السلطات المحلّيّة العربيّة والجهات التمثيليّة والمهنيّة فيه، لضمان التنفيذ ونجاعته. 

 

لا شك في ان الوضع القائم يستدعينا، كمجتمع عربيّ، للتفكير مليًّا في الخطوات الجماهيريّة المطلوبة لإنهاء مشاهد الجرائم المتتالية والخروج من دائرة العنف. إلّا أنّ العمل المجتمعيّ والأهليّ مهما كان ناجعًا وفعّالاً، لا يمكن أن يلغي المسؤوليّة الموجودة على عاتق الحكومة والشرطة في مواجهة الجريمة، التي لم تكن إلّا نتاج للعنصريّة الممنهجة ضدّ مجتمعنا والتي تتمثّل في إهمال مستمرّ لشؤون مختلفة كالتعليم، السكن والتخطيط، المواصلات، الاقتصاد وتوفير الميزانيّات الكافيّة والعادلة لتطوير هذه المرافق. هذا الاستهتار والاهمال، إضافة إلى تقصير الشرطة في أداء واجبها من حيث فكّ ألغاز الجرائم وادانة المتورّطين في أعمال العنف والجريمة حوّل الحيّز العامّ في مجتمعنا العربيّ إلى أرض خصبة لسيطرة منظّمات الإجرام والقيام بأعمال خارجة عن القانون. إنّ هذه الأرض الخصبة للجريمة لن تسمح لأيّ خطّة أو مبادرة بتغييرها إن لم تذوّت الحكومة أنّها المسؤول المباشر عن جعلها كذلك.

 

*وصال رعد- مركّزة تغيير السياسات في مجال مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربيّ في جمعيّة سيكوي-أفق.

heightقد يهمك ايضا